تابعونا

لم يتم التحقق

النفاق الإعلامي وفشل الدبلوماسية

الرباط

رشيد مرزاق
وأنا أتابع التغطية الإعلامية لمسيرة “نداء الوطن” في القنوات المغربية…. تساءلت لماذا لا تستخدم هذه التقنيات العالية في التصوير من زوايا مختلفة لتغطية المظاهرات والمسيرات المنددة بالقرارات الاستبدادية؟؟؟
كل القنوات المغربية تتواطأ لحجب المسيرات العمالية ومظاهرات الأساتذة المتدربين، واليوم تتهافت وتجند كل إمكانياتها لتغطية رد فعل ارتجالي لن يغير واقع الهزيمة الدبلوماسية التي مني بها المغرب من طرف الانفصاليين المدعومين بالبوكيمون…
إعلامنا منافق ولم يصل بعد إلى الاحتراف والحياد والديمقراطية، ويقع في أخطاء قاتلة تجر علينا ويلات كبيرة ربما لن نستطيع الانفكاك من عواقبها بسهولة…
فالإعلام الذي يتبجح بإنجازات المخابرات المغربية وانتصارها على داعش وتفكيك خلاياها، يورطنا أكثر وسيجعلنا هدفا مباشرا لهجمات الإرهابيين، والإعلام الذي يجند كل برامجه للترفيه والإلهاء والتضليل البليد والمكشوف، ولا يعمل إلا على تمرير الخطاب السياسي الرسمي، لا يمكنه أبدا أن يعرف بقضية وطنية ويقنع العالم بالحل المناهض للتقسيم وتشتيت المنطقة…
الإعلام الذي يغيب الرأي الآخر ولا يناقشه بالحجة والبرهان لا يمكنه الانتصار على خصوم الوحدة الترابية…
الإعلام في بلادنا مع الأسى والآسف لا يرقى إلى الانخراط الفعلي في هموم المواطنين الذي يدفعون ثمنه من جيوبهم، ولا يستجيب لنبض الشوارع بحياد وموضوعية، إنه إعلام يستغبي المواطنين كثيرا، ويحاول عزلهم عن واقعهم بتزييف الحقائق وتغييبها، وإبعادها عن سياقاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتغليط الرأي العام.
وأنا أتابع التغطية التي قدمها الإعلام العمومي للإضراب العام الأخير يوم 24 فبراير 2016، والتغطية هنا بالمعنى الحرفي للغطاء، أي الستر والحجب فقط، قدمت القناة الثانية تصريحات لمواطنين في المستشفيات فوتوا مواعيدهم الاستشفائية التي انتظروها شهورا بسبب الإضراب، وأظهرت صورا للتلاميذ يتجولون أمام باب مدرسة مغلقة.. لتحمل المسؤولية كاملة في ضياع مصالح المواطنين للمضربين، دون أن تتحدث عن الأسباب الحقيقة التي تجعل المواطنين يحصلون على مواعيد استشفائية تمتد لشهور عديدة وهم في حالات صحية حرجة لا تحتمل التأجيل، ودون أن تكشف الأسباب الحقيقية للإضراب ترسخ هذه المغالطات لدى الرأي العام السائد وأغلبيته فئة مازالت تسمي نشرة الأخبار بـ”الخطبة”.. لارتباطها في أذهانهم بالخطب الملكية، ولتركيزها الكبير وإلى يومنا هذا على الأنشطة الملكية والمخزنية فقط..
منذ سنوات وأنا أنتظر أن أرى في القنوات العمومية إعلانات ترتبط بحياتنا اليومية…
انتظرت إعلانات تحسيسية بالعنف المدرسي مثلا، من أجل احترام جميع المدرسين والمدرسات من طرف التلاميذ، ومن أجل احترام جميع التلاميذ والتلميذات من طرف الأستاذ(ة) أيضا..
ومازلت أنتظر إعلانات توجيهية للأسر من أجل مراقبة أولادهم، وتذكيرهم بأوقات المراجعة وفترات الامتحانات، وتحسيسهم بضرورة تقنين استعمال الأنترنيت والشبكات الاجتماعية التي تلتهم وقتهم وتستنزف تركيزهم وطاقاتهم الذهنية فيأتون للمدارس مجردأجساد فقط.. أو تستميلهم لقناعات متطرفة وخطيرة…
ما زالت أنتظر إعلانات تحسس بخطورة التعاطف مع المتطرفين الذين يهددون الآن استقرار العالم..
أنتظر إعلانات تشجع الانخراط في العمل الجمعوي والسياسي والثقافي على مدار السنة، وتشجع ثقافة الاختيار والتعدد دون التحيز لجهة سياسية أو مصلحة ما، ودون تقديم طبخات سياسية سريعة في الحملة الانتخابية المناسباتية..
نحن بحاجة إلى إعلام ديموقراطي، يعتمد على الحوار والمكاشفة والتعرية الصحية للحقائق بدل تغطيتها وسترها لتتراكم وتتعفن وتتحول إلى علل مزمنة تنخر جسد الوطن، وحينما نحس بالخطر نتداركه بالارتجال كأننا دبيحة تتخبط في دمها قبل أن تسقط السقوط الأخير..
نحن بحاجة إلى إعلام يفتح الحوارات الشفافة مع المواطنين، ويخترق المنطقة والمحيط الاجتماعي والاقتصادي والثقافي القريب والبعيد ليجعله مادة للتحليل والتفكير من أجل المعالجة الاستباقية للمشكلات والحد من تداعياتها التي تهدد استقرار المنطقة..
نحن بحاجة إلى إعلام مواطن، ولسنا بحاجة إلى عصبة من “البراهش” الذين يحتلون القنوات العمومية ويسترزقون فيها ببرامج مسروقة أو أقل ما يقال عنها أنها “بااايخة وحاامضة”..
لسنا بحاجة إلى إعلام مخزني عبارة عن أداة طيعة في يد النظام يمرر بها ما أراد متى أراد…
لسنا بحاجة إلى تذكيركم بما نريد وبما ننتظر أن نراه في القنوات العمومية، لأن الموضوع طويل وشائك، ولأنكم تعرفون جيدا كل هذا، ولأنكم في بيوتكم تشاهدون القنوات العالمية ولديكم القدرة العقلية على المقارنة.. لذلك نكتفي من القلادة بما أحاط بالعنق، لعلنا نكسر يوما هذه القلادة الإعلامية التي تتصورنا كالأنعام والبقر… ونذكركم فقط بأننا سنكون يوما ما نريد، “واخا هاد الساعة ماكاينش مع من” لأن “مسيو “كلير” لا يعرف إلا التهديد والوعيد ومبهدل راسو ومبهدلنا معاه فالقنوات الفرنسية”، لأن الشبيبة التي انتظرنا بركتها مشاو عركوها بيرة فألبانيا وجاو.. ولأن الأهم هو رئيس الحكومة التي ستنتصر في الدبلوماسية المدافعة عن الوحدة الترابية يتلعثم في استظهار النشيد الوطني على الهواء، ولا يحفظ عن ظهر قلب إلا شعارات حزبه أو درعه الدعوي…

صور أو مقاطع فيديو

النفاق الإعلامي وفشل الدبلوماسية
تاريخ الخرق : Mar 14 2016

رابط مصدر الأخبار

اترك تعليق
الاسم:
البريد الإلكتروني:
التعليقات:
الكود الأمنى:
17 + 10 =