لم يتم التحقق
نهاية أسطورة اسمها “قناص تارجيست”.. كيف بدأت؟ وهكذا انتهت!
تارجيست, Pachalik de Targuist, إقليم الحسيمة, Taza-Al Hoceima-Taounate, المغرب
(أخبركم) لم تكن لتستمر قضية ما أصبح يُعرف ب”قناص تارجيست” في إثارة الإهتمام أكثر مما “استهلكته” منذ مدة زمنية تربو على الثمان سنوات، لولا أن شابا من المنطقة حيث “وُلدت” قصة قناص تارجيست اختار أن يستحوذ على بطولة تبين أنها ورقية اسمها “قناص تارجيست”..
وبطبيعة الحال لم يكن ليُكتب لكلمات وسطور هذا التحقيق المُركَّز، أن ترى الوجود لولا ذات الرغبة الإستحواذية للشاب المعني وسعيه المحموم المثير للريبة على الأقل في الإستفادة سياسيا، وبالتالي ماديا من صورة رمزية، أو هكذا كانت حتى اكتشاف ما وراءها من حقائق مذهلة، أظهرت معالم وجه آخر مغاير تماما لقضية “قناص تارجيست” الشهيرة، وكشفت أيضا عن تفاصيل أكذوبة بدأت صغيرة ثم كبرت بما تجاوز حدود المعقول لحد حجم ومضمون الخرافة..
لننبش فيما يمكن أن نسميه ب”الأساطير المؤسسة لأسطورة قناص تارجيست” تركيبا على منوال عنوان الكتاب الشهير المعروف لمؤلفه الفرنسي “روجي غارودي” وهو “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية”..
بدأ كل شىء حينما خرج أحدهم من “مخبئه” منذ نحو ثلاث سنوات ونسب إلى نفسه في إحدى المجلات الأسبوعية المتوقفة عن الصدور أنه صاحب الشخصية الحقيقية لقناص تارجيست الشهير، ويُدعى “منير كَزناي” وهو شاب في نحو العشرين من العمر، شرع في سرد حكاية “بطولة” لا أحد ممن وفروا له صفحات المجلة الناشرة كلف نفسه عناء فحص المعطيات التي قدمها المعني باعتباره “قناص تارجيست”..
طرحنا هذا السؤال على مصدر من مدينة تارجيست يعرف حق المعرفة الشاب المعني فأجاب باستخفاف: “إنه أحد أبناء أسرة الشيخ في جماعة زرقت نواحي تارجيست، لديه معرفة ببعض أساسيات المعلوميات وعنده طموح سياسي أكبر منه لذلك فهو يخبط خبط عشواء بين أحزاب سياسية بدأها بالإنتماء والترشح باسم حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات الجماعية السابقة ثم ترك حزب بنكيران والرميد والخلفي ليُعانق حاليا الإنتماء لحزب الأصالة والمعاصرة وأعلن الترشح باسمه في الإنتخابات الجماعية المقبلة” ثم ليستطرد مصدرنا المحلي بنبرة أكثر سخرية: “ولا أحد يُمكن أن يتكهن بمصير المسار الحزبي الجديد لسليل أسرة شيخ زرقت”.
من أين جاءت يا تُرى علاقة هذا الشاب الأرعن بالمعنى السياسي بأسطورة اسمها “قناص تارجيست”؟
الأجوبة التي حصلنا عليها من مصدر آخر قريب جدا من الموضوع قلبت رأسا على عقب ما تبث حتى ترسخ لدى الكثيرين ممن تابعوا الموضوع عبر موقع يوتوب حيث نُشرت أشرطة قناص تارجيست أول مرة ثم ذاع صيتها عبر وسائل الإعلام المغربية، سيما الصحف والمواقع الإلكترونية، وفي مرحلة لاحقة عبر العالم ليصبح القناص المغربي مُتداولا في الصحافة الدولية باعتباره “روبن هود المغربي”..
قبل أن نورد عناصر الأجوبة على السؤال أعلاه لا بأس من التذكير بمحطة ميلاد “أسطورة قناص تارجيست”..sniper
بدأت القصة حينما نُشر في غضون سنة 2007 شريط فيديو عبر موقع يوتوب أظهر رجال درك يتسلمون رشاوى من سائقي سيارات الأجرة من النوع الكبير وشاحنات نقل البضائع بين البوادي.. اندلع الإهتمام بالشريط إياه حين تم تعميمه عبر بعض المواقع الإلكترونية المغربية، إذ بدا الأمر جديدا كل الجِدَّة من حيث وضوح المشاهد المُلتقطة لدرجة التعرف بسهولة على هويات رجال الدرك المرتشين..
الشريط إياه صنع ذيوعا مُنقطع النظير لأحد المواقع الإلكترونية المحلية، بالنظر إلى الضجة التي أحدثها شريط منسوب لما سيُعرف بعد ذلك ب “قناص تارجيست”..
وانطلقت التخمينات والمضاربات والأسئلة حول مَن يكون وراء شخصية ذلك القناص الغامض الذي “يضرب ويهرب” كما نقول باللهجة الدارجة.. واستعرت الأسئلة وتوالدت حينما ظهر شريط آخر ثم ثالث ثم رابع بمشاهد ارتشاء لنفس رجال الدرك وآخرين غيرهم في نُقط طرقية بدوية حوالي مدينة “تارجيست”.. حينها أصبح الأمر متعلقا بظاهرة رأت النور اسمها “قناص تارجيست”..
ظلت الأسئلة وعلى رأسها سؤال: “مَن يكون يا تُرى الشخص أو الأشخاص وراء قناص تارجيست” بلا جواب.
حلل البعض وناقش أن وراء “الأكمة ما وراءها” وأن ثمة شخصية ذاتية تتصف بالدهاء الكافي لعدم السقوط في فخ الكشف عن هوية يسعى وراءها العدو والصديق.. بل وذهب الأمر إلى طرح اعتبارات أمنية في غاية الدقة باعتبار أن “قناص تارجيست” أصبح الهدف رقم واحد لكل رجال الدرك في المغرب، باعتبار أنه عرى عن إحدى سوءاتهم وجعلها ملء السمع والبصر ومضغة في الأفواه.
تبدو هذه المعطيات “الوردية” بعد مرور زهاء ثمان سنوات، كأسطورة باهتة لفحتها أشعة شمس الفضيحة.. والفضيحة أنه بعد كل نفثات النفخ في قِربة الأسطورة الغامضة ل”روبن هود المغربي” التي سارت بذكرها صحافة العالم، تمخض الأمر عن شاب “طموح” بشكل فج اسمه “منير كَزناي” خرج على الناس عبر منشورات ومواقع متسرعة ليقول: “أنا هو قناص تارجيست” ثم شرع في النبش عن إمكانيات الإستفادة السريعة من مثل هكذا رأسمال رمزي، دون أن يدري أنه بصدد قتل أسطورة اسمها “قناص تارجيست” إلى الأبد.
كيف؟ إليكم التفاصيل..
التقصي الذي باشرناه في عين المكان بمدينة تارجيست لدى مَن كانوا قريبين جدا من “قصة قناص تارجيست” أفادونا بعد التركيب والتمحيص أنها –القصة- عرفت قبل ذيوعها طورين اثنين الأول قبل تصوير أشرطة ارتشاء رجال الدرك والثاني بعدها..
في الطور الأول طفت إلى سطح الأحداث المحلية المُستترة بمدينة تارجيست صراع بين مسؤول كبير في بلدية المدينة نرمز لاسمه بالحرفين الأولين “أ.ه” وقائد الفرقة الجهوية للدرك الملكي القبطان “النوري”.. حول “تجاوزات” ضمنها المسؤول المحلي المعني شكايات نُشرت في الصحافة المحلية بالمدينة وعلى المستوى الوطني في حينها، ولما لم تعرف التظلمات المذكورة صدى أو حلا تفتقت “عبقرية” المسؤول المُتظلم عن فكرة تصوير أشرطة فيديو بمشاهد ارتشاء رجال الدرك الذين يعملون تحت إمرة القبطان المُشتكى به “النوري”..
الشخص الذي تكفل بتصوير الأشرطة “الفضائحية” لم يكن سوى ابن المسؤول الكبير في بلدية تارجيست “م.ه” الذي يعيش في إسبانيا، حيث مَكَّنه توفره على كاميرا متطورة الكُمُون المُترصِّد لرجال الدرك في المواقع التي كان يعرفها والده عن ظهر قلب، والتقاط المشاهد التي جابت العالم فيما بعد عبر موقع يوتوب ووسائل الإعلام العالمية..
وعندما استوت دلائل الفضيحة مصورة في يد مسؤول البلدية الكبير شرع يُفكر في الطريقة “الأفيد” لاستثمارها ضد عدوه اللذود القبطان “النوري” فماذا فعل؟ شُدوا أحزمتكم..
اتصل المسؤول المعني أول الأمر بمن وعده بإيصال نُسخ من الأشرطة إلى الجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان القائد العام للدرك الملكي..
انتظر “أ.ه” أن يستجد مُستجد يُفيده أنه نال من غريمه القبطان “النوري” فلم يحدث شىء لسبب ما لم نتمكن من تركيبه لدى القيادة العامة للدرك الملكي. ربما لأن المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست “أ.ه” كان مستعجلا أكثر من اللازم فشرع في فحص الخطة “باء” التي كانت تختمر في ذهنه: تذييع أشرطة الإرتشاء عبر موقع يوتوب، ولأن المعني لا دراية له بالأبعاد التقنية لمثل هذا الإستعمال فقد لجأ إلى خدمات فريق شباب يسهر على موقع محلي عبر الإنترنيت من أجل إخراج فني مناسب للأشرطة ونشرها عبر الإنترنيت..
كانت صلة الوصل بين المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست ومجموعة شباب الموقع الإلكتروني المحلي شاب من أقربائه يُدعى “منير كَزناي”.. اتصل هذا الأخير بشاب ضمن المجموعة المذكورة لديه خبرة بالتوضيب الفني وعلى دراية كافية بطرق الإخراج السمعية البصرية، وله يعود الفضل في تلك الحلة التقنية الجيدة التي أبهرت كل مَن رأى أشرطة “قناص تارجيست” الأربعة.. وكان نشر أول فيديو الذي وُلدت معه – كما سبقت الإشارة – أسطورة قناص تارجيست..
المُستفاد من سرعة انتقال المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست من الخطة “ألف” إلى الخطة “باء” أن أمر الأشرطة الفضائحية لإرتشاء رجال الدرك خرج عن السيطرة وأصبح قضية رأي عام محلي بإحالاتها الدولية المذكورة آنفا، وبالتالي كان الخيار “الأمثل” هو ترك الأمور تأخذ منحاها الذي سارت فيه مع التحكم عن بُعد في آثارها.. ومن ذلك على سبيل المثال أن قضية ارتشاء رجال الدرك طُرحت بقوة على مكتب القيادة المحلية للجهاز الأمني المعني في العاصمة، وتُدوول أن ثمة فرقا خاصة تجوب الطرقات في العالم القروي وحيثما يوجد رجال درك لتنظيم المرور والأمن لمراقبة عمليات الإرتشاء وضبط المرتشين في صفوف رجال الدرك..
مر عامان (2007-2009) والمسؤول المحلي الكبير ببلدية مدينة تارجيست الذي التحق بعدها بحزب الإستقلال، يتحين الفرص ليجني سياسيا ما زرعه عبر موقع يوتوب بمساعدة شباب موقع الإلكتروني المحلي، وحانت الفرصة – أو هكذا بدا له الأمر – في غضون سنة 2009 وبالتحديد حين زار فؤاد عالي الهمة الذي كان حينها بصدد حشد التأييد والأنصار لحزبه الوليد “الأصالة والمعاصرة” جماعة “إيساكَن” القريبة من مدينة تارجيست..
حرص مسؤول بلدية مدينة تارجيست على الحضور للقاء المذكور، وتدبر أمره للسلام على صديق الملك، ثم قال له: “أنا هو قناص تارجيست”.
نظر فؤاد عالي الهمة باستغراب للشخص الماثل أمامه ولم يُجبه بشىء، وضاعت الفرصة من صاحبها ليبتلع لسانه للمرة الأولى والأخيرة بصدد “قصة قناص تارجيست”..
ربما إلى هذه الخيبة بالذات يعود سبب لا مبالاة مسؤول بلدية تارجيست حينما علم أن قريبه “منير كَزناي” تحدث إلى الصحافة ناسبا إلى نفسه “أسطورة قناص تارجيست”.. ربما لأنه انتبه بحدسه السياسي أنه لا فائدة تأتي من أسطورة وُلدت صغيرة وكبُرت حتى أصبح حجمها خُرافيا وبالتالي عصيا على وضعه ضمن أي إطار للإستفادة السياسية وغيرها في بلد مثل المغرب.
وهذا هو الدرس الذي تلقاه قريب مسؤول بلدية تارجيست الكبير الشاب “منير كَزناي” الذي كان ينتظر بعد نسبه “أسطورة قناص تارجيست” لنفسه أن تنهال عليه عبارات الثناء والتقريض والإستفادة السياسية والمادية من الموضوع، غير أن متاعب كانت بانتظاره ذكاها أنه كان منتميا لحزب العدالة والتنمية، وحينما جاءه مَن يُنبهه إلى “مرقده” السياسي غير الملائم أعلن انفصاله عن حزب بنكيران والرميد والخلفي وعانق حزب الأصالة والمعاصرة عساه يجني أخيرا منافع من أسطورة اسمها “قناص تارجيست”..
“منير كًزناي” في خضم بحثه عن “ثمرة” شجرة لا نسب شرعي لها لم ينتبه أنه بصدد اجثثاتها من جذورها. وذلك ما حصل بالفعل.
وبطبيعة الحال لم يكن ليُكتب لكلمات وسطور هذا التحقيق المُركَّز، أن ترى الوجود لولا ذات الرغبة الإستحواذية للشاب المعني وسعيه المحموم المثير للريبة على الأقل في الإستفادة سياسيا، وبالتالي ماديا من صورة رمزية، أو هكذا كانت حتى اكتشاف ما وراءها من حقائق مذهلة، أظهرت معالم وجه آخر مغاير تماما لقضية “قناص تارجيست” الشهيرة، وكشفت أيضا عن تفاصيل أكذوبة بدأت صغيرة ثم كبرت بما تجاوز حدود المعقول لحد حجم ومضمون الخرافة..
لننبش فيما يمكن أن نسميه ب”الأساطير المؤسسة لأسطورة قناص تارجيست” تركيبا على منوال عنوان الكتاب الشهير المعروف لمؤلفه الفرنسي “روجي غارودي” وهو “الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية”..
بدأ كل شىء حينما خرج أحدهم من “مخبئه” منذ نحو ثلاث سنوات ونسب إلى نفسه في إحدى المجلات الأسبوعية المتوقفة عن الصدور أنه صاحب الشخصية الحقيقية لقناص تارجيست الشهير، ويُدعى “منير كَزناي” وهو شاب في نحو العشرين من العمر، شرع في سرد حكاية “بطولة” لا أحد ممن وفروا له صفحات المجلة الناشرة كلف نفسه عناء فحص المعطيات التي قدمها المعني باعتباره “قناص تارجيست”..
طرحنا هذا السؤال على مصدر من مدينة تارجيست يعرف حق المعرفة الشاب المعني فأجاب باستخفاف: “إنه أحد أبناء أسرة الشيخ في جماعة زرقت نواحي تارجيست، لديه معرفة ببعض أساسيات المعلوميات وعنده طموح سياسي أكبر منه لذلك فهو يخبط خبط عشواء بين أحزاب سياسية بدأها بالإنتماء والترشح باسم حزب العدالة والتنمية في الإنتخابات الجماعية السابقة ثم ترك حزب بنكيران والرميد والخلفي ليُعانق حاليا الإنتماء لحزب الأصالة والمعاصرة وأعلن الترشح باسمه في الإنتخابات الجماعية المقبلة” ثم ليستطرد مصدرنا المحلي بنبرة أكثر سخرية: “ولا أحد يُمكن أن يتكهن بمصير المسار الحزبي الجديد لسليل أسرة شيخ زرقت”.
من أين جاءت يا تُرى علاقة هذا الشاب الأرعن بالمعنى السياسي بأسطورة اسمها “قناص تارجيست”؟
الأجوبة التي حصلنا عليها من مصدر آخر قريب جدا من الموضوع قلبت رأسا على عقب ما تبث حتى ترسخ لدى الكثيرين ممن تابعوا الموضوع عبر موقع يوتوب حيث نُشرت أشرطة قناص تارجيست أول مرة ثم ذاع صيتها عبر وسائل الإعلام المغربية، سيما الصحف والمواقع الإلكترونية، وفي مرحلة لاحقة عبر العالم ليصبح القناص المغربي مُتداولا في الصحافة الدولية باعتباره “روبن هود المغربي”..
قبل أن نورد عناصر الأجوبة على السؤال أعلاه لا بأس من التذكير بمحطة ميلاد “أسطورة قناص تارجيست”..sniper
بدأت القصة حينما نُشر في غضون سنة 2007 شريط فيديو عبر موقع يوتوب أظهر رجال درك يتسلمون رشاوى من سائقي سيارات الأجرة من النوع الكبير وشاحنات نقل البضائع بين البوادي.. اندلع الإهتمام بالشريط إياه حين تم تعميمه عبر بعض المواقع الإلكترونية المغربية، إذ بدا الأمر جديدا كل الجِدَّة من حيث وضوح المشاهد المُلتقطة لدرجة التعرف بسهولة على هويات رجال الدرك المرتشين..
الشريط إياه صنع ذيوعا مُنقطع النظير لأحد المواقع الإلكترونية المحلية، بالنظر إلى الضجة التي أحدثها شريط منسوب لما سيُعرف بعد ذلك ب “قناص تارجيست”..
وانطلقت التخمينات والمضاربات والأسئلة حول مَن يكون وراء شخصية ذلك القناص الغامض الذي “يضرب ويهرب” كما نقول باللهجة الدارجة.. واستعرت الأسئلة وتوالدت حينما ظهر شريط آخر ثم ثالث ثم رابع بمشاهد ارتشاء لنفس رجال الدرك وآخرين غيرهم في نُقط طرقية بدوية حوالي مدينة “تارجيست”.. حينها أصبح الأمر متعلقا بظاهرة رأت النور اسمها “قناص تارجيست”..
ظلت الأسئلة وعلى رأسها سؤال: “مَن يكون يا تُرى الشخص أو الأشخاص وراء قناص تارجيست” بلا جواب.
حلل البعض وناقش أن وراء “الأكمة ما وراءها” وأن ثمة شخصية ذاتية تتصف بالدهاء الكافي لعدم السقوط في فخ الكشف عن هوية يسعى وراءها العدو والصديق.. بل وذهب الأمر إلى طرح اعتبارات أمنية في غاية الدقة باعتبار أن “قناص تارجيست” أصبح الهدف رقم واحد لكل رجال الدرك في المغرب، باعتبار أنه عرى عن إحدى سوءاتهم وجعلها ملء السمع والبصر ومضغة في الأفواه.
تبدو هذه المعطيات “الوردية” بعد مرور زهاء ثمان سنوات، كأسطورة باهتة لفحتها أشعة شمس الفضيحة.. والفضيحة أنه بعد كل نفثات النفخ في قِربة الأسطورة الغامضة ل”روبن هود المغربي” التي سارت بذكرها صحافة العالم، تمخض الأمر عن شاب “طموح” بشكل فج اسمه “منير كَزناي” خرج على الناس عبر منشورات ومواقع متسرعة ليقول: “أنا هو قناص تارجيست” ثم شرع في النبش عن إمكانيات الإستفادة السريعة من مثل هكذا رأسمال رمزي، دون أن يدري أنه بصدد قتل أسطورة اسمها “قناص تارجيست” إلى الأبد.
كيف؟ إليكم التفاصيل..
التقصي الذي باشرناه في عين المكان بمدينة تارجيست لدى مَن كانوا قريبين جدا من “قصة قناص تارجيست” أفادونا بعد التركيب والتمحيص أنها –القصة- عرفت قبل ذيوعها طورين اثنين الأول قبل تصوير أشرطة ارتشاء رجال الدرك والثاني بعدها..
في الطور الأول طفت إلى سطح الأحداث المحلية المُستترة بمدينة تارجيست صراع بين مسؤول كبير في بلدية المدينة نرمز لاسمه بالحرفين الأولين “أ.ه” وقائد الفرقة الجهوية للدرك الملكي القبطان “النوري”.. حول “تجاوزات” ضمنها المسؤول المحلي المعني شكايات نُشرت في الصحافة المحلية بالمدينة وعلى المستوى الوطني في حينها، ولما لم تعرف التظلمات المذكورة صدى أو حلا تفتقت “عبقرية” المسؤول المُتظلم عن فكرة تصوير أشرطة فيديو بمشاهد ارتشاء رجال الدرك الذين يعملون تحت إمرة القبطان المُشتكى به “النوري”..
الشخص الذي تكفل بتصوير الأشرطة “الفضائحية” لم يكن سوى ابن المسؤول الكبير في بلدية تارجيست “م.ه” الذي يعيش في إسبانيا، حيث مَكَّنه توفره على كاميرا متطورة الكُمُون المُترصِّد لرجال الدرك في المواقع التي كان يعرفها والده عن ظهر قلب، والتقاط المشاهد التي جابت العالم فيما بعد عبر موقع يوتوب ووسائل الإعلام العالمية..
وعندما استوت دلائل الفضيحة مصورة في يد مسؤول البلدية الكبير شرع يُفكر في الطريقة “الأفيد” لاستثمارها ضد عدوه اللذود القبطان “النوري” فماذا فعل؟ شُدوا أحزمتكم..
اتصل المسؤول المعني أول الأمر بمن وعده بإيصال نُسخ من الأشرطة إلى الجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان القائد العام للدرك الملكي..
انتظر “أ.ه” أن يستجد مُستجد يُفيده أنه نال من غريمه القبطان “النوري” فلم يحدث شىء لسبب ما لم نتمكن من تركيبه لدى القيادة العامة للدرك الملكي. ربما لأن المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست “أ.ه” كان مستعجلا أكثر من اللازم فشرع في فحص الخطة “باء” التي كانت تختمر في ذهنه: تذييع أشرطة الإرتشاء عبر موقع يوتوب، ولأن المعني لا دراية له بالأبعاد التقنية لمثل هذا الإستعمال فقد لجأ إلى خدمات فريق شباب يسهر على موقع محلي عبر الإنترنيت من أجل إخراج فني مناسب للأشرطة ونشرها عبر الإنترنيت..
كانت صلة الوصل بين المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست ومجموعة شباب الموقع الإلكتروني المحلي شاب من أقربائه يُدعى “منير كَزناي”.. اتصل هذا الأخير بشاب ضمن المجموعة المذكورة لديه خبرة بالتوضيب الفني وعلى دراية كافية بطرق الإخراج السمعية البصرية، وله يعود الفضل في تلك الحلة التقنية الجيدة التي أبهرت كل مَن رأى أشرطة “قناص تارجيست” الأربعة.. وكان نشر أول فيديو الذي وُلدت معه – كما سبقت الإشارة – أسطورة قناص تارجيست..
المُستفاد من سرعة انتقال المسؤول المحلي الكبير بمدينة تارجيست من الخطة “ألف” إلى الخطة “باء” أن أمر الأشرطة الفضائحية لإرتشاء رجال الدرك خرج عن السيطرة وأصبح قضية رأي عام محلي بإحالاتها الدولية المذكورة آنفا، وبالتالي كان الخيار “الأمثل” هو ترك الأمور تأخذ منحاها الذي سارت فيه مع التحكم عن بُعد في آثارها.. ومن ذلك على سبيل المثال أن قضية ارتشاء رجال الدرك طُرحت بقوة على مكتب القيادة المحلية للجهاز الأمني المعني في العاصمة، وتُدوول أن ثمة فرقا خاصة تجوب الطرقات في العالم القروي وحيثما يوجد رجال درك لتنظيم المرور والأمن لمراقبة عمليات الإرتشاء وضبط المرتشين في صفوف رجال الدرك..
مر عامان (2007-2009) والمسؤول المحلي الكبير ببلدية مدينة تارجيست الذي التحق بعدها بحزب الإستقلال، يتحين الفرص ليجني سياسيا ما زرعه عبر موقع يوتوب بمساعدة شباب موقع الإلكتروني المحلي، وحانت الفرصة – أو هكذا بدا له الأمر – في غضون سنة 2009 وبالتحديد حين زار فؤاد عالي الهمة الذي كان حينها بصدد حشد التأييد والأنصار لحزبه الوليد “الأصالة والمعاصرة” جماعة “إيساكَن” القريبة من مدينة تارجيست..
حرص مسؤول بلدية مدينة تارجيست على الحضور للقاء المذكور، وتدبر أمره للسلام على صديق الملك، ثم قال له: “أنا هو قناص تارجيست”.
نظر فؤاد عالي الهمة باستغراب للشخص الماثل أمامه ولم يُجبه بشىء، وضاعت الفرصة من صاحبها ليبتلع لسانه للمرة الأولى والأخيرة بصدد “قصة قناص تارجيست”..
ربما إلى هذه الخيبة بالذات يعود سبب لا مبالاة مسؤول بلدية تارجيست حينما علم أن قريبه “منير كَزناي” تحدث إلى الصحافة ناسبا إلى نفسه “أسطورة قناص تارجيست”.. ربما لأنه انتبه بحدسه السياسي أنه لا فائدة تأتي من أسطورة وُلدت صغيرة وكبُرت حتى أصبح حجمها خُرافيا وبالتالي عصيا على وضعه ضمن أي إطار للإستفادة السياسية وغيرها في بلد مثل المغرب.
وهذا هو الدرس الذي تلقاه قريب مسؤول بلدية تارجيست الكبير الشاب “منير كَزناي” الذي كان ينتظر بعد نسبه “أسطورة قناص تارجيست” لنفسه أن تنهال عليه عبارات الثناء والتقريض والإستفادة السياسية والمادية من الموضوع، غير أن متاعب كانت بانتظاره ذكاها أنه كان منتميا لحزب العدالة والتنمية، وحينما جاءه مَن يُنبهه إلى “مرقده” السياسي غير الملائم أعلن انفصاله عن حزب بنكيران والرميد والخلفي وعانق حزب الأصالة والمعاصرة عساه يجني أخيرا منافع من أسطورة اسمها “قناص تارجيست”..
“منير كًزناي” في خضم بحثه عن “ثمرة” شجرة لا نسب شرعي لها لم ينتبه أنه بصدد اجثثاتها من جذورها. وذلك ما حصل بالفعل.
تقارير إضافية
اعتقال الاعلامي الطرهوشي مدير تحرير "فري ريف كوم"
14:59 Sep 05, 2015
الحسيمة, باشوية الحسيمة, إقليم الحسيمة, Taza-Al Hoceima-Taounate, المغرب, 49.12 Kms
وتستمر محاكمة الصحافيين في ظل القانون الجنائي
19:33 Feb 11, 2015
الحسيمة، بيا, Province Al Hoceima الحسيمة, Taza-Al Hoceima-Taounate, المغرب, 49.12 Kms
الحكم على مدير موقع "جورنال الريف"بالحبس والغرامة
02:40 Jun 09, 2015
الحسيمة, باشوية الحسيمة, إقليم الحسيمة, Taza-Al Hoceima-Taounate, المغرب, 49.12 Kms
اترك تعليق